بريقة الغد
مرحبا بكم فى منتدى بريقة الغد
الرجاء من زائرنا الكريم التسحيل باالاسم الحقيقى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بريقة الغد
مرحبا بكم فى منتدى بريقة الغد
الرجاء من زائرنا الكريم التسحيل باالاسم الحقيقى
بريقة الغد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كيف أتقرب إلى الله في رمضان؟

اذهب الى الأسفل

كيف أتقرب إلى الله في رمضان؟ Empty كيف أتقرب إلى الله في رمضان؟

مُساهمة من طرف Admin 2010-08-09, 03:28

كيف أتقرب إلى الله في رمضان؟ %D9%81%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%B3%20%D8%B4%D9%87%D8%B1%20%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83
كيف أتقرب إلى الله في رمضان؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) [رواه البخاري]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ((إذا كان أحدُكم صائمًا؛ فلا يرفُث، ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه؛ فليقل: إني صائم، إني صائم)) [رواه البخاري]، والرفث هو: الفحش، ورديء الكلام.



كيف أتقرب إلى الله في رمضان؟

إذا سألت المسلمة نفسها: كيف أتقرب إلى الله في رمضان؟ وأصل إلى درجة حب الله؟ بل إلى أن أكون محبوبة من الله؟ فإن الإجابة على هذا السؤال صاغها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث شريف، وقبل أن أذكره، أجيب على السؤال بجملة بسيطة وقصيرة، وهي: "أداء الفرائض".

وأداء الفرائض هو أفضل ما يُتقرب به إلى الله، وحسب مؤديها على تمامها فضلًا أنه موعود بالفلاح، فوزًا بالجنة، ونجاة من النار، كما نقل لنا ذلك طلحة بن عبيد الله: أن رجلًا من أهل نجد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثائر الرأس، يُسمع دويّ صوته، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمس صلوات في اليوم والليلة))، فقال: هل عليّ غيرهُنَّ؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان))، فقال: هل عليّ غيره؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع))، وذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم الزكاة، فقال: هل عليّ غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع))، قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أفلح إن صدق)) [رواه البخاري].

وتأملي معي هذا الحديث القدسي البهيج: ((وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه))، هذه هي درجة الحب والقرب إلى الله، ثم تأتي بعد ذلك درجة أن تكوني محبوبة من الله، بالتقرب بالنوافل بعد الفرائض، ((وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل؛ حتى أحبه)) [صححه الألباني].

أولًا ـ الصلاة.

أما الصلاة فإنها عماد الدين، وغرة الطاعات، من أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدمه، ((وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)) [البقرة:45]، وهي علاقة فلاح العبد، يوفقه الله للخشوع فيها، يقول تعالى: ((قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)) [المؤمنون:1-2]، وهي راحة العبد، وهي الراحة التي كان يشعر بها النبي صلى الله عليه وسلم عند كل صلاة، فكان يتلهف شوقًا لها، وينادي على بلال نداءه الشهير: ((أرِحنا بها)) [صححه الألباني].

واعلمي أختي المرأة المسلمة، أنه ليس لكِ من صلاتك إلا ما حضر فيه قلبك، وخشعت فيه جوارحك؛ ولذا فربما يخرج العبد من الصلاة ولم يُكتب له فيها إلا سجدة واحدة، ومن خشع في صلاته كان له الأجر، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها؛ إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله)) [رواه مسلم].

وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى ركعتين لا يُحدث فيهما نفسه؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه)) [متفق عليه].

وهنا يأتي السؤال: كيف أحافظ على الخشوع في الصلاة؟

1- الاستعداد المبكر: عن طريق إجابة النداء فور السماع، واتقان الوضوء الصحيح، واستشعار أهمية الوضوء، ولا تنسي أن الصلاة على وقتها من أحب الأعمال إلى الله، فما بالكِ برمضان، شهر العبادة؟!

2- الصلاة في المسجد: فالجماعة خير وبركة، وهذا خاص بالرجال، ولكن يمكن للنساء الصلاة في بيتها في جماعة، قال صلى الله عليه وسلم: ((الشيطان مع الواحد، وهو مع الاثنين أبعد)) [صححه الألباني].

3- استحضري قلبك في كل حركة في الصلاة:

- فإذا سمعتِ المؤذن؛ فتذكري نداء القيامة، وشمري للإجابة.

- وإذا سترتِ عورتكِ؛ فتذكري أن لكِ عيوب ونقائص وذنوب لا يعلمها إلا الله، ولكنه يسترها عن الناس، فاحمديه على ستره، واسأليه دوام العافية والستر.

- وإذا استقبلت القبلة؛ فقد صرفتِ وجهك عن جميع الجهات، فاستحي من الله.

- وإذا كبرتِ فلا بكذبن قلبُك لسانَك، لأنه لو كان في قلبك شيء أكبر من الله فقد كذبتِ.

- وإذا شرعتِ في القراءة؛ فتدبري ما تقرأين، وتفهمي معنى ما تتلين، وجاهدي نفسك على ذلك.

- استشعري في ركوعك التواضع لله، الذي سواك على أحسن صورة.

- واستشعري في سجودك تمام الذل؛ لأنك وضعتِ النفس موضعها، ورددتِ الفرع إلى أصله بالسجود على التراب الذي خُلِقتِ منه، واعلمي أنها نعمة عظيمة، أعطاكِ الله إياها وحرم منها آخرون، أعرف امرأة كبيرة في السن، لا تستطيع السجود بسبب خشونة في ركبتها، فتصلي وهي جالسة، وتقول: (نفسي أسجد؛ فإني كنت أحس براحة نفسية كبيرة في السجود، ولكني لا أستطيع السجود الآن).

نماذج مشرقة.

- كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره، لا تحسبه إلا جذع حائط.

- وقال ميمون بن مهران: (ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتًا في صلاة قط، ولقد انهدمت ناحية من المسجد؛ ففزع أهل السوق لهدتها، وإنه لفي المسجد يصلي، فما التفت، وكان أهل بيته إذا دخل المنزل سكتوا، فإذا قام إلى الصلاة تكلموا وضحكوا).

- وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما إذا توضأ اصفر لونه، فقيل له: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فقال: (أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟).

ولا تنسي أن تصلي صلاة مودِّعة؛ فإن هذا الاستشعار يعطي واقعًا قد لا يتوفر في عدمه، ومن هنا تدرك السر في نصيحته صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه، عندما قال له: ((إذا قمت في صلاتك فصلِّ صلاة مودع)) [صححه الألباني].

ثانيًا ـ قيام الليل.

قيام الليل ((شرف المؤمن)) [حسنه الألباني]، هذا ما تنزل به أمين السماء جبريل عليه السلام، على أمين الأرض محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أتى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس)) [حسنه الألباني].

وقيام الليل من الوسائل المهمة في إيقاظ الإيمان، جرَّبها الصالحون فوجدوا لها أبلغ الأثر في إحياء القلوب، ((وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)) [الإسراء:79]، هؤلاء الصالحين استشعروا معنى ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)) [السجدة:16]، فتراهم ((كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)) [الذاريات:17]، استشعروا ((ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)) [رواه البخاري].

وقيام الليل علامة الصلاح والقرب إلى الله، قال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات)) [صححه الألباني].

وقيام الليل فيض نور من الله، قال الحسن البصري رحمه الله: (لم أجد من العبادة شيئًا أشد من الصلاة في جوف الليل)، فقيل له: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهًا؟ فقال: (لأنهم خلو بالرحمن، فألبسهم من نوره).

وقيام ليل رمضان ليس ككل ليل، فقيام ليله شرف على شرف، ولقيام ليالي رمضان خصوصية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه)) [رواه البخاري]، وقيامه إيمانًا واحتسابًا هو إحياء لياليه بالعبادة والقيام، وتصديقًا بالثواب وإخلاصًا في التقرب، وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه بعض ليالي رمضان، ثم ترك ذلك؛ إشفاقًا على الأمة من فرض القيام عليها، وقال: ((خشيتُ أن تُفرض عليكم)) [رواه البخاري].

إن قيام رمضان من روح الصيام، وروح القيام هي الخشوع والخضوع والإخبات، وقد كان صلى الله عليه وسلم في صلاة القيام ((وما أتى على آية رحمة إلا وقف وسأل، وما أتى على آية عذاب إلا وقف وتعوذ)) [صححه الألباني]، ولب الصلاة وروحها هو إقبال القلب على الله عز وجل.

أختي الصائمة القائمة؛ استحضري عند قيامك أنك تمتثلين لقوله تعالى: ((وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)) [البقرة:238]، فالقيام وحده في الصلاة لا يكفي ما يكن القلب قانتًا لله فيه.

وتذكري وأنت تطيلين القيام بين يدي الله، وقوف الناس في القيامة، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وقيامك يوم قيامتك سيقصُر ويسهُل بمقدار طول قيامك لله في حياتك.

سلي نفسك؛ أين ستكونين في ثلث الليل الآخر، وقت تنزل الله تعالى، وإعطاء السائل، واستجابة الدعاء، هل تكونين في لقاء مع الله؟ أم في نوم عن مناجاته؟ أم في سهر على معصية الله؟ لقد ذُكِر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام حتى أصبح، فقال: ((ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه)) [رواه البخاري]، فإذا كان هذا فعل الشيطان في من نام عن طاعة، فكيف هو فعله في من سهر على معصية؟ وإذا كان البعض يستثقل السهر في طاعة الله، فما بال هذا السهر يطول في الغفلة عن الله؟!

قيل لابن مسعود رضي الله عنه: ما نستطيع قيام الليل، فقال: (أقعدتكم ذنوبكم)، وقال الفضيل بن عياض (إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار؛ فاعلم أنك محروم، قيدتك خطيئتك).

قال ابن الحاج في المدخل: (وفي قيام الليل من الفوائد جملة؛ فمنها: أنه يحط الذنوب، كما يحط الريح العاصف الورق اليابس من الشجرة، ومنها أنه ينور القلب، ومنها أنه يحسن الوجه، ومنها أنه يُذهب الكسل وينشط البدن).

ويقول محمد إقبال: (كن مع من شئت في العلم والحكمة، ولكنك لا ترجع بطائل حتى تكون لك أنَّة في السحر).

وكان يقول رحمه الله: (خذ مني ما شئت يا رب، ولكن لا تسلبني اللذة بأنَّة السحر، ولا تحرمني نعيمها).

القانتون المخبـتون لربهـم الناطقون بأصـدق الأقوال

يحيون ليلهم بطاعــة ربهم بـتلاوة وتضرع وسـؤال

وعيونهم تجري بفيض دموعهم مثل انهمال الوابل الهطـال

في الليل رهبان وعند جهادهم لعدوهم من أشجع الأبطال

أختي الحبيبة، لا تتركي هذا الكنز، مع احتساب النية رجاء الأجر، وتذكري أن دقائق الليل غالية؛ فلا تضيعيها بالغفلة، فجهزي مطالبك، وحددي أهدافك، وكوني خفيفة النوم، وانتظري دقات الساعة للخلوة بالحبيب، واجعلي لديكِ رغبة أكيدة للقيام، وذلك بمعرفة فضل قيام الليل، والدعاء والإلحاح على الله أن يعينك على الاستيقاظ.

وعند الاستيقاظ تذكري ذنوبك وحاجتك إلى عفو الله، ومغفرته؛ حتى نقبل على الله بقلوبٍ وجلة مشفقة، كما قال أحد الصالحين: (متى تهت عن الطريق؛ فارجع إلى ذنبك تجد الطريق).

ويمكنك أختي المسلمة أن ترجعي إلى كتاب "مختصر منهاج القاصدين"؛ لتتعرفي على الأسباب الميسرة لقيام الليل ص(75)، اللهم وفقنا إلى قيام رمضان إيمانًا واحتسابًا، ولا تحرمنا الأجر والفضل.

ثالثًا ـ الصوم ولذة الألم.

قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [البقرة:183]، والتقوى من الوقاية، وتقوى الله يُقصد بها البعد عن أسباب عذابه سبحانه، باجتناب ما نهى، واتباع ما أمر.

وعندما تريد أيها الصائم أن يحقق الصيام لك التقوى الكاملة؛ فاجعله صومًا كاملًا، وذلك بتنزيهه عن القوادح الحسية والمعنوية.

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (ليس تقوى الله بصيام نهار، ولا بقيام ليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرَّم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رُزِق بعد ذلك خيرًا؛ فهو خير إلى خير).

وتعالوا نستحضر حقيقة التقوى؛ لعلها تحيي فينا روح الصيام، ولعلنا نعيش معها معاني الصيام.

قال طلق بن حبيب كاشفًا روح التقوى: (التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله).

إذًا لنعمل في رمضان بطاعة الله، راجين ثوابه، خائفين من عقابه، فالخوف والرجاء كجناحي الطائر للوصول إلى رضا الله، فلنستحضر هذا المعنى من معاني التقوى في رمضان.

سُئل أبو هريرة رضي الله عنه عن التقوى، فقال للسائل: هل أخذت طريقًا ذا شوك؟ قال: نعم، قال: فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه، أو جاوزته، أو قصُرت عنه، قال: ذاك التقوى.

خل الذنوب صغيــــــرها وكبيـرها فهو التـــــقى
واصنع كمـــــــاش فوق أرض الشــوك يحذر مـا يرى
لا تحــــقرن صغيــــرة إن الجبــال من الحــــصى

لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) [رواه البخاري]، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ((إذا كان أحدُكم صائمًا؛ فلا يرفُث، ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله أو شاتمه؛ فليقل: إني صائم، إني صائم)) [رواه البخاري]، والرفث هو: الفحش، ورديء الكلام.

اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، ونسألك خشيتك في الغيب والشهادة.

إن من علامات التقوى: الانتهاء عن المنكر، وهذا يكون واضحًا، أما باطن التقوى وجوهرها فهو: الالتذاذ بالخدمة، والشعور بالنسبة ـ أي نسبة العبد إلى ربه ـ، وكذلك كان سيد الاستغفار سيدًا؛ لما فيه من الشعور بالنسبة ولذة الخطاب "أنت ربي"، "خلقتني وأنا عبدك"، "فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".

وما زادني شـرفًا وتيـهًا وكدت بأخمصي أطأُ الثُرَيَّا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيَّـرت أحمـد لي نبيًا

وكذلك الصوم، تتحصل اللذة فيه من الشعور بالنسبة والالتذاذ بالخدمة، قال تعالى في الحديث القدسي: ((يدع شهوته وطعامه من أجلي)) [متفق عليه]، وهذه هي حقيقة الالتذاذ بالخدمة.

ولذلك كان يبس الشفاة من العطش، وقرقرة البطون من الجوع أهنأ ما لاقاه الصائمون، أولئك الجياع العُطَّش، فبينما هو يتألم، وقد تلوَّى من جوع البطن، يتوارد على فؤاده خاطرة، أن هذا الألم يصبر عليه تعظيمًا لحق الله، ومهابةً لنظره واطلاعه، فيرضى عن حاله، ويشبع من رضا الله عنه، ولا يطمع في أي نعمة تحول بينه وبين لذة هذا الألم.

لكنه سرعان ما يطأطئ منكرًا وجلًا؛ خائفًا لئلا يقبل الله منه، فيتضافر ألم الجوع مع ألم القلوب، ويتعاظم هذا الألم حتى تتداركه عناية الله وامداداته، فيفيض عليه من جميل لطفه وإنعامه، فيسكن هذان الألمان المتضافران، وينقلبان حلاوة غامرة، ولذة عامرة، بل وشوقًا للقاء الله، حتى تتسم فرحته التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم: ((وفرحة عند لقاء ربه)) [متفق عليه].

وإذا تأملتِ هذه المعاني؛ أدركت سر قوله صلى الله عليه وسلم: ((رب صائم، حظه من صيامه الجوع والعطش)) [قال الألباني: صحيح لغيره]، وربما ضربت كفًا على كف من اجتماع هذه المتناقضات: ألم ولذة، جوع وشبع، عطش ورُويَّ، ولا يمنعك هذا العجب من ولوج هذا الطريق، والسير فيه، فمن سلكه رأى من آيات ربه الكبرى.

فأحسني القصد، ووَلِّدي العزم، وتسلحي بالهمة، وابدئي السير، وجدِّي في الترحال، واطلبي الراحة في العناء، وارضي عن نفسك إذا كان مسعاها في المعالي، مَنِّي نفسك بالفوز والربح، وادخري الثمن الغالي لسلعة الله، ((ألا إن سلعة الله غالية؛ ألا إن سلعة الله الجنة)) [البخاري].

أختي المسلمة، إن قبول العمل يشترط فيه أمران: أن يكون خالصًا لوجه الله، وأن يكون صوابًا، أي على السنة ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) [متفق عليه].

قال سفيان الثوري: (ما عالجت شيئًا أشد عليَّ من نيتي؛ لأنها تتقلب عليَّ).

ولا تتعجبي من هذا اليقظة، فقد عرف القوم أن استحضار روح الإخلاص في العمل يضاعف الأجر، قال يحيى بن كثير: (تعلموا النية؛ فإنها أبلغ من العمل)، وقال ابن المبارك: (رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية).

فقبول أعمالك كلها في رمضان وفي غير رمضان ـ أختي الصائمة ـ لن يكون الجزاء فيه إلا على قدر النية والاحتساب، وهما عين الإخلاص، فالصيام، والقيام، وإحياء ليلة القدر، وتلاوة القرآن، وغير ذلك من أمور الدين يُشترط فيه الإخلاص والاحتساب.

وتأملي حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِر له ما تقدم من ذنبه)) [متفق عليه].

(ومعنى إيمانًا: اعتقادًا بأن ذلك التكليف حق، واحتسابًا: أي طلبًا للثواب من الله).

الواجب العملي:

- صلي في رمضان صلاة مودع.

- قومي الليل قيام مودع.

- صومي رمضان صيام مودع، ولا تنسي احتساب الأجر وإخلاص النية.

اللهم اجعل أعمالنا خالصة لك، وأعنا على صيام شهرنا، وقيامه إيمانًا واحتسابًا.

المصادر:

1- كتاب "مختصر منهاج القاصدين"، ابن قدامة المقدسي.

2- كتاب "روح الصيام ومعانيه"، عبد العزيز بن مصطفى كامل.

3- كتاب "الإيمان أولًا، فكيف نبدأ به"، مجدي الهلالي.

4- كتاب "القواعد الحسان في أسرار الطاعة والاستعداد لرمضان"، رضا أحمد صمدي.

5- "جامع العلوم والحكم"، ابن رجب الحنبلي.

6- "حلية الأولياء"، أبو نُعيم.

7- "فتح الباري في شرح صحيح البخاري"، ابن حجر
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام

عدد المساهمات : 192
تاريخ التسجيل : 18/07/2010
العمر : 31
الموقع : https://brega-alghad.hooxs.com

بطاقة الشخصية
منتدى بريقة الغد: 0917400727

https://brega-alghad.hooxs.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى